ظلّ العربية في اللغات الأجنبية: تقاطعات واقتباسات

اللغة الجامدة لغة فقيرة، هكذا تقول الحكمة الإنجليزية، ولأن اللغات تتلاقح ويقترض بعضها من بعض، تأثرت لغات أجنبية عدة باللغة العربية ونقلت عنها ولا تزال، آخرها اعتماد اللغة الفرنسية أخيراً كلمة “سمّ” العربية وعبارة Avoir le seum  بنفس المعنى العربي “يبث سمومه” وتم إقرارها عام 2018 في قاموس لاروس Larousse.

وفي حين تُتهم الأجيال المعاصرة بالتخلي عن اللغة العربية لمصلحة اللغات الأجنبية كمظهر من مظاهر “الوجاهة”، يستحضر آخرون  كيف أن اللغات الأجنبية نقلت من العربية الكثير من المفردات.

ولنا في الفرنسية أمثلة عديدة عن كلمات من أصول عربية: bled, bakchich, baraka, baroud, caftan, caid, casbah, chouia, fissa, flouz, hallel, kawa, kemia, kifkif, klebs, roumi,salamalec,toubib, walou…

قوة اللغة العربية

بفضل الانتشار السريع والمؤثر للغة العربية، قال المستشرق الشهير رنان في كتابه “تاريخ اللغات السامية” إن: ” الانتشار المفاجئ للغة العربية من أغرب ما حدث في تاريخ العالم”.

ربما ساهم العرب والمسلمون في “الفتوحات” خارج الجزيرة العربية في إشعاع لغة الضاد، فحلت محل اللغة الأمازيغية في شمال أفريقيا، وفرضت نفسها في مصر محل اللغة القبطية، وأثرت في اللغة الإسبانية إبان الفتح الإسلامي للأندلس.

ويرجع تأثر اللغات العالمية باللغة العربية كما يؤكد خالد توكال، الأستاذ المساعد للغة العربية بالجامعة الفرنسية في مصر، لرصيف22، إلى ثلاثة عوامل مهمة، أولها قوة اللغة العربية وثراؤها (في عصر نهضة الحضارة العربية والإسلامية)، وثانيهما رواج الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية والعكس، خاصة أيام الخليفة المأمون العباسي عندما أسس بيت الحكمة، وثالثهما حركة الفتوحات الإسلامية.

كما يوضح توكال أن اللغات الأجنبية “اقترضت” من العربية المفردات التي لا يوجد لها نظير في ثقافتهم أو لغتهم مثل شيخ وسلطان وحاج  وغيرها.

ويشير توكال إلى أن ” معجم المفردات الإسبانية والبرتغالية المشتقة من العربية، للمستشرقين أنجلمان ودوزي، ذكر أن ربع المفردات في اللغة الإسبانية من أصول عربية، وأن في اللغة البرتغالية 3000 كلمة من أصول عربية”.

كذلك أكد المستشرق لامانس أن هناك 700 كلمة عربية في اللغة الفرنسية، ولفت المستشرق تليور إلى وجود  1000 كلمة عربية في اللغة الإنجليزية في مجالات الطب والكيمياء والفلك التي برع فيها العرب قديماً، حسبما ورد في كتاب الكلمات العربية في الإنجليزية لنادر سراج.

ويشدد توكال على أن هنالك لغويين يظنون خطأً أن بعض المفردات أجنبية وأننا نقلناها عنهم، رغم أنها من أصول عربية مثل حاخام، وهي من أصل عربي “حكيم” وأخذها اليهود من العربية وأعدنا نحن نقلها عنهم بصورتها المحرفة، كذلك بنزين وأصلها العربي “لبان جاوي” التي أخذناها بصورتها الحالية من التركية التي نقلتها أصلاً من الإيطالية، التي اشتقتها من الأصل العربي”، ويردف “هكذا هي المفارقات اللغوية التي لا تنتهي”.

ويضيف توكال: “هناك مئات المفردات العربية وربما الآلاف في اللغات الفارسية والتركية والبرتغالية وغيرها، ولا يمكن حصرها”.

كلمات عربية في الإنجليزية

من بين الكلمات الإنجليزية ذات الأصول العربية، زرافة giraffe، وتعرفة جمركية tariff والكحول Alcohol  وقلعة castle من كلمة قصر بالعربية وتعني البناء العظيم، وشمعة candle وأخذت من قنديل، وقطن cotton، وسكر sugar، وصفر Tipher .

هناك أيضاً غزال gazelle، وذيل Tail، وسمسم sesame، وخمن guess من الفعل العربي جسّ، بالإضافة إلى المصطلحات الطبية في مجالات الفلك والكيمياء التي سبق الإشارة إليها.

كلمات عربية في الفرنسية

من أبرز النماذج العربية في اللغة الفرنسية كلمة Coton بمعنى قطن، وchimie الكيمياء، و Chemise القميص، و Magasin مخزن، وassassiné بمعنى اغتال وهي مشتقة من اسم فرقة الحشاشين التي اشتهرت بالقتل.

كذلك كلمات مثل ATTAR أي العطر، و sucre السكر، و Girafe زرافة، وJupe بمعنى تنورة من الكلمة العربية “الجبة”، و mesquin بمعنى وضيع، وalezan وهو الفرس السوداء من حصان، و Tarif تعرفة، و ÉMIR أي أمير.

هناك أيضاً sorbet بمعنى الشربات من الشوربة، و AMER من مر أو مرير.

كلمات عربية في الإسبانية

ومن الكلمات الإسبانية ذات الأصول العربية نجد كلمة نفط Aceite من زيت، وadobe الطوب، Albaquía البقية  Adunia من الدنيا وتعني العالم أجمع، Camisa القميص، Aceituna الزيتون.

هناك نماذج شائعة أخرى مثل، Alatar العطار، Arroz الأرز، Jerife أي شريف، Rehén رهين، Azúcar السكر، Almohada من المخدة وتعني الوسادة، Jarabe من شراب ويعني الشراب المركز، وآلاف الكلمات الأخرى التي يتعذر حصرها في هذه العجالة.

كلمات عربية في التركية

التركية أيضاً نقلت عن العربية للعلاقات الطويلة والممتدة بين الأتراك والشعوب العربية، فنجد kalem في التركية مشتقة من قلم بالعربية وتستخدم بالمعنى ذاته، وكلمة saat وتعني ساعة، و çorap أي جورب، وfen من فن وتستخدم بمعنى علم، و sahil أي الساحل.

وهناك 12 لغة استخدمت الأبجدية العربية في كتابة لغتها، منها اللغة التركية (في فترة الدولة العثمانية)، واللغة الأذرية في أذربيجان حتى 1920، واللغة البنجابية التي يتحدث بها 88 مليوناً في الهند وباكستان، واللغة الفارسية ويتحدث بها 112 مليوناً في إيران وطاجكستان وأفغانستان وأوزباكستان.

________________________________

(*)   بقلم / سامية علام ، صحفية ، نقلاً عن موقع رصيف22. الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي فورمينا

من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدام الكوكيز. المزيد من المعلومات

The cookie settings on this website are set to "allow cookies" to give you the best browsing experience possible. If you continue to use this website without changing your cookie settings or you click "Accept" below then you are consenting to this.

إغلاق