حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في كلمة أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية الأربعاء 15 يناير 2020 ، من “حرب شاملة” و”فوضى لا توصف” في منطقة الشرق الأوسط في حال حصول مواجهة بين الولايات المتحدة وايران.
وقال الملك عبد الله “الآن، دعونا ننتقل إلى ما يحدث اليوم، وإلى المواجهة الأخيرة بين الولايات المتحدة وإيران، ماذا لو، في المرة القادمة، لم يبتعد أي من الجانبين عن حافة الهاوية، متسببا بانزلاقنا جميعا نحو فوضى لا توصف، نحو حرب شاملة تهدد استقرار المنطقة بأسرها، وتهدد بإحداث اضطرابات هائلة في الاقتصاد العالمي بأكمله، بما في ذلك الأسواق، وتهدد بعودة الإرهاب إلى الظهور في جميع أنحاء العالم؟“.
ومنذ اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، في ضربة اميركية قرب مطار بغداد الدولي في 3 كانون الثاني/يناير، تعيش المنطقة والعالم خوفاً من اندلاع حرب.
وأطلقت إيران الأسبوع الماضي 22 صاروخا على قاعدتي عين الأسد في غرب العراق، وأربيل في الشمال ردا على إغتيال واشنطن للجنرال الإيراني.
وقال الملك عبد الله “دعوني أسألكم سؤالا افتراضيا آخر: ماذا لو فشل العراق في تحقيق تطلعات شعبه والاستثمار في إمكانياته، وانزلق مرة أخرى إلى حلقة مفرغة من سبعة عشر عاما من الانتعاش ثم الانتكاس، أو إلى ما هو أسوأ من ذلك، إلى حالة الصراع؟“.
واضاف “في العراق 12 بالمئة من احتياطي النفط العالمي. ولكن، والأهم من ذلك، العراق هو موطن لأكثر من 40 مليون شخص، عانوا من أربعة عقود من الحرب والعقوبات والاحتلال والصراع الطائفي وإرهاب داعش. اليوم، مستقبلهم يرتكز على سلام هش“.
ويعيش العراق، الذي صار أشبه بساحة معركة بين واشنطن وطهران، حالة شلل سياسي منذ استقالة حكومة عادل عبد المهدي، ولا تزال الكتل السياسية غير قادرة على التوافق لايجاد شخصية بديلة لرئاسة الوزراء رغم انقضاء المهل الدستورية.
وتابع الملك “وماذا لو بقيت سوريا رهينة للصراعات بين القوى العالمية وانزلقت مرة أخرى إلى الصراع الأهلي؟ ماذا لو شهدنا عودة لداعش، وأصبحت سوريا نقطة انطلاق لهجمات ضد بقية العالم؟“.
واضاف “قد تكون سوريا خارج التغطية الإعلامية، ومعاناتها بعيدة عن البال، لكن الأزمة لم تنته بعد، خلال الأشهر التسعة الماضية، نزح أكثر من نصف مليون شخص، والعديد منهم بالأصل لاجئون“.
وتساءل الملك “هل يريد أي منا، في هذه القاعة، أن يشهد أزمة لجوء سورية جديدة، بكل ما فيها من رعب ومآس؟ أو رؤية طفل بريء آخر يقذفه البحر على شواطئكم؟“.
وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبّب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 380 ألف شخص وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية، وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.
وقال العاهل الاردني “واسمحوا لي أن أسألكم: ماذا لو انهارت ليبيا باتجاه حرب شاملة، لتصبح في النهاية دولة فاشلة؟ ماذا لو أصبحت ليبيا سوريا جديدة، ولكنها هذه المرة أقرب إلى قارتكم؟“.
وأكد أن “هذه الأسئلة ليست مجرد تمرين عبثي أو نظري، خاصة في منطقتي، حيث أسوأ الافتراضات ليست ترفا نظريا، بل هي أقرب ما تكون إلى ملامسة واقعنا في الكثير من الأحيان. كما أن ما يحدث في الشرق الأوسط يترك أثره على كل مكان حول العالم“.
وتابع “فلنجعل من التأمل في هذه الأسئلة الافتراضية تمرينا مثمرا، يمكننا من استباق حدوث مآس لا حصر لها، وحماية شعوبنا في مسيرتها نحو المستقبل“.
________________________________
(*) نقلاً عن موقع عربي بوست. الآراء الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي فورمينا