الأوضاع السياسية والإنسانية في الأراضي الفلسطينية إلى أين؟
عام على انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
تقرير 2015
على الرغم من مرور عام كامل على انتهاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة يوليو 2014 والتي أطلقت عليها الحكومة الإسرائيلية (الجرف الصامد) استهدفت فيها قطاع غزة. وخلفت بحسب التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية والحقوقية مايلي:
(2174 قتيل) (81% مدنيين) صنفوا (530 طفل) و (302 امرأة) و(64 غير معروفين) مقابل (16% مسلحين) إضافة إلى (87010 جريح) منهم (3303 طفل) ثلثهم يعاني من إعاقة دائمة و(2101 امرأة). بينما فقدت (145) عائلة فلسطينية أكثر من ثلاثة أفراد في حدث واحد وإجمالهم (755) فرد. وأصبح 100.000 مهجر فلسطيني بلا مأوى.
وقدرت الهجمات الإسرائيلية بـ (8210 صاروخ جوي) (15736 قذيفة بحرية) و(36.718 قذيفة برية) استهدفت فيها منازل وعمارات سكنية ومنشآت حسب التصنيف التالي:
(2465 منزل) تدمير كلي، (1466 منزل) تدمير جزئي، و(3950 منزل) متضرر إضافة إلى خمس عمارات سكنية مرتفعة تم تدميرها بالكامل. وعن باقي المنشآت استهدفت(9) محطات لمعالجة المياه، (18) منشأة كهربائية، (19) مؤسسة مالية ومصرفية، (372) مؤسسة صناعية وتجارية، (55) قارب صيد، (10) مستشفيات، (19) مركز صحي، (36) سيارة إسعاف، (222) مدرسة (141 حكومية، 76 تابعة للأونروا، و5 مدارس خاصة) (6) جامعات، (48) جمعية، ومحطة توليد كهرباء واحدة.
بناءً على ماسبق؛ قام مجلس شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (فورمينا) على مدار العام المنصرم بمتابعة كافة التطورات السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي شهدتها الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة إضافة إلى متابعة أوضاع اللاجئين في الشتات. من خلال التقارير الصادرة عن الجهات الدولية والمؤسسات المحلية. كذلك المواقف والآراء التي تم رصدها من خلال شبكة علاقتنا مع الكثير من الأكاديمين والسياسين والنشطاء في المجتمع المحلي والمدني.
خاصة وأن الضغوط والتحركات الدولية والإقليمية والفلسطينية لم تقدم أي أثر ملموس من شأنه التخفيف وحل المشاكل التي تواجه السكان المحليين في الأراضي الفلسطينية على جميع الأصعدة. والتي يمكن توصيفها على النحو التالي:
أولاً: عملية السلام والمسار السياسي
نجحت الجهود الفلسطينية بالحصول على الاعتراف الأممي بالدولة الفلسطينية وانضمام دولة فلسطين إلى المنظمات الدولية؛ ولازالت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية تواصل جهودها من أجل استئناف عملية السلام، لكن ذلك لم يرتقِ إلى تشكيل جبهة ضغط دولية تجبر الحكومة الإسرائيلية على استئناف عملية السلام في ظل تعنت إسرائيلي واستمراره في الاستيطان، وتقطيع الأوصال في الضفة الغربية، وعمليات تهويد القدس. إضافة إلى الاعتداءات المتكررة من قبل المستوطنين على السكان المدنيين في قرى ومدن الضفة الغربية. مع الاستمرار بحصار قطاع غزة وتأخر عملية إعادة الإعمار بسبب المعيقات التي تفرضها السياسة الإسرائيلية على المعابر.
ثانياً: الشأن الفلسطيني الداخلي
- شهد قطاع غزة على اتفاق الشاطئ (إبريل 2014) الموقع بين حركتي فتح وحماس وكنتيجة مباشرة لهذا الاتفاق تشكلت حكومة الوحدة الوطنية إلا أن هذه الحكومة لم تخرج عن الإطار الشكلي دون أية انجازات فعلية تعيد الربط القانوني والخدماتي لمؤسساتها بين الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أنها فشلت في البدء بإعادة الاعمار لقطاع غزة بعد انتهاء الحرب الأخيرة مع استمرار لقضية المهجرين في مراكز الإيواء والسكن المؤقت دون أية حلول. ويمنع الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس من تمكن حكومة الوحدة الوطنية من ممارسة صلاحيتها حسبما تم التوافق عليه.
- انشغال القيادة السياسية ممثلة بمؤسسة الرئاسة بمبدأ المحاصصة، ومحاولة الاستحواذ على كافة الأطر القانونية لمنظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية لصالح تيار بعينه دون توافق وطني عام يشمل كل المكونات الفلسطينية. في ظل فشل القيادة الفلسطينية وكافة المكونات السياسية من تقديم أية رؤى سياسية واضحة ومقنعة للسكان المحليين في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس واللاجئين في الشتات. كل ذلك أصاب الفلسطينين بخيبة أمل كبيرة في ظل التعقيدات التي يواجها السكان المحليين في الأراضي الفلسطينية واللاجئين خارجها.
- تشهد الأراضي الفلسطينية مؤخراً تراجع عام لمستوى الحريات العامة في ظل انعكاس الخلافات السياسية على مؤسسات المجتمع المدني والحريات الشخصية للمواطنين وزيادة في القبضة الأمنية بالضفة الغربية واستخدام الأجهزة الأمنية القانون كأداة لتصفية الخلافات السياسية مع استمرار الاعتقالات على الخلفية السياسية. إضافة إلى استحواذ حركة حماس على مقاليد الأمور وسيطرتها على الأجهزة الأمنية في قطاع غزة وانتهاكها للحريات والتضييق على السكان المحليين واتباع سياسة الاعتقال على خلفية الانتماء السياسي. عدا عن رفضها تقديم أية تنازلات من شأنها تمكين حكومة الوحدة الوطنية من ممارسة صلاحيتها في مقدمتها استلام المعابر لبدء عملية إعادة الاعمار.
ثالثاً: الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
تشهد الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية في الأراضي الفلسطينية تدهور حاد نتيجة ارتفاع عدد الشباب الخريجين العاطلين عن العمل؛ في ظل غلاء فاحش وعدم تناسب مستوى الدخل مع معدلات الأسعار. وبحسب التقارير المحلية و الدولية لعام 2014 بلغت نسبة الفقر في المجتمع الفلسطيني (40%) ونسبة البطالة بين الشباب (43.7%) على الرغم من حصول (50.5%) منهم على شهادات جامعية. علاوة على التقارير الصادمة حول الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة الصادرة مؤخراً من قبل الوكالات الدولية حيث ذكرت الأونروا في تقريرها الأخير أن ما نسبته (52%) من الفلسطينين في قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر، في حين وصلت معدلات البطالة إلى (45%) في بداية العام الجاري. كل ذلك في ظل غياب تام لأية خطط تنموية واضحة لمواجهة التحديات, مع استمرار الفصل السياسي بين الضفة وغزة، والفصل الإنساني الناتج عن ممارسات الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية واحكام الحصار على قطاع غزة يهدد بتفاقم الأوضاع الإنسانية للسكان المحليين في الأراضي الفلسطينية.
لذا فإن مجلس شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (فورمينا) يدعو إلى:
- تكثيف الضغط الدولي من قبل منظمة التحرير الفلسطينية، والحكومات العربية وجامعة الدول العربية والمجتمع الدولي على الحكومة الإسرائيلية لاستئناف عملية السلام وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس على حدود السادس من حزيران لعام 1967 تنفيذاً لقراري مجلس الأمن ( 242 و 338) وحل قضية اللاجئين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
- يدعو مجلس شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (فورمينا) الرئيس الفلسطيني وكافة المكونات الفلسطينية للتوصل إلى توافق فلسطيني في القضايا الخلافية, والعمل على إعادة صياغة منظمة التحرير كإطار جامع للفلسطينيين والعمل على تفعيل مؤسساتها والتوافق على آلية تمثيلية للمجلس الوطني تشمل كافة المكونات الفلسطينية. واعتماد مبدأ الانتخابات كوسيلة وحيدة للتمثيل الفلسطيني. وإنهاء حالة الانقسام الناتجة عن الخلافات السياسية في أوساط مراكز صنع القرار في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية.
- المباشرة الفورية بانتخابات محلية وتشريعية ورئاسية لتجديد المؤسسات القانونية الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني.
- المباشرة الفورية بإعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار عنه والعمل على تبني خطة وطنية لمواجهة الفقر في المجتمع الفلسطيني.
- متابعة أوضاع اللاجئين والمشردين من سكان المخيمات الفلسطينية في سوريا وفي مقدمتها مخيم اليرموك لتأمين المأوى والغذاء والسكن.
وسيستمر مجلس شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (فورمينا) بمتابعة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية وأوضاع اللاجئين في الشتات كقضية أولى على أجندة مجلس شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (فورمينا) بشكل خاص لما تمثله من أهمية كبيرة على أجندة المنظمات الدولية والحقوقية بشكل عام لعدالتها. وأحقية الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية والشتات بأن ينعموا بالحرية والاستقلال بعد معاناتهم الطويلة منذ عام 1948 وليومنا هذا. ولم تذخر (فورمينا) أي جهد أو تحرك لمساندة هذه القضية العادلة.
لتنزيل التقرير ، اضغط هنا